الكولاجين ودوره في مرونة البشرة بعد الحمية

الكولاجين ودوره في مرونة البشرة بعد الحمية

لا شك أن البشرة هي مرآة الصحة والشباب، ومرونتها تعكس مدى توازن العناصر البنيوية والهرمونية في الجسم. يشتكي كثيرون بعد اتباع حمية غذائية أو فقدان وزن كبير من ترهل الجلد وظهور التجاعيد، ما يدفعهم للبحث عن طرق طبيعية لدعم الجلد واستعادة مرونته. هنا يأتي الكولاجين في مركز الاهتمام. هذا المقال يستعرض الكولاجين، أهميته للبشرة، تأثير الحمية وفقدان الوزن على مستوياته، وكيفية دعمه من خلال الغذاء والمكملات، مع الاستناد إلى الأبحاث العلمية الحديثة.

ما هو الكولاجين؟

الكولاجين هو بروتين ليفي يشكل الهيكل الأساسي للأنسجة الضامة في الجسم. يمثل نحو 30% من إجمالي البروتين في الجسم، وهو مكوّن رئيسي للجلد والعظام والأوتار والغضاريف. تترتب ألياف الكولاجين في شبكة ثلاثية الأبعاد تمنح الجلد القوة والمرونة. يتكون من أحماض أمينية رئيسية مثل الجلايسين، البرولين، والهيدروكسي برولين. يعتمد الجسم على فيتامين «ج» والعديد من المعادن مثل الزنك والنحاس والمنغنيز لإنتاج الكولاجين.

هناك عدة أنواع من الكولاجين (حوالي 28 نوعاً)، لكن الأنواع I وII وIII هي الأكثر شيوعاً في البشرة والعظام والغضاريف. يتكون الكولاجين نوع I من ثلاث سلاسل بولي ببتيدية ملتوية في لولب ثلاثي، وهذا التصميم يجعل الألياف قوية للغاية.

كيف يتأثر الكولاجين أثناء الحمية وفقدان الوزن؟

انخفاض السعرات ونقص البروتين

عند اتباع حمية قاسية، قد يقلل الشخص من تناول البروتينات بشكل كبير، مما يحرم الجسم من الأحماض الأمينية الضرورية لصنع الكولاجين، لأن الكولاجين يتكون من بروتينات طويلة، فإن نقص الأحماض الأمينية مثل الجلايسين والبرولين يؤخر إنتاجه. لذا، تؤكد الأبحاث على ضرورة ضمان تناول البروتين أثناء فقدان الوزن للحفاظ على كتلة العضلات والكولاجين.

انخفاض الهرمونات

مع التقدم في العمر أو خلال فترات معينة مثل سن اليأس، ينخفض إفراز الهرمونات الجنسية (الإستروجين والتستوستيرون)، مما يقلل إنتاج الكولاجين. توضح مصادر طبية أن الجسم يحتاج إلى الإستروجين للمساعدة في عملية إنتاج الكولاجين، وعند انخفاضه يُصبح الجلد أقل مرونة. وهذا يفسر سبب ترهل الجلد وزيادة التجاعيد لدى النساء بعد سن الأربعين، خاصة عند اتباع حميات منخفضة السعرات دون مراقبة العناصر الغذائية.

اقرأ أيضاً: الهرمونات الجنسية والوزن: الإستروجين والتستوستيرون في المعركة الصامتة

العوامل البيئية ونمط الحياة

التدخين، التعرض الطويل للشمس بدون حماية، والنظام الغذائي الغني بالسكريات البسيطة يسرّع تلف الكولاجين، السكريات تساهم في عملية «الجليكوزيل» التي تدمّر بنية البروتينات، بما في ذلك الكولاجين، مما يجعل الألياف أكثر هشاشة. لذلك، حتى لو كان فقدان الوزن ناجحاً، فإن استمرار التدخين أو تناول الأطعمة عالية السكر قد يمنع استعادة مرونة الجلد.

الأدلة العلمية على مكملات الكولاجين

في السنوات الأخيرة، انتشرت مكملات الكولاجين بشكل واسع، خاصة في شكل مساحيق أو أقراص من الكولاجين المتحلل (الببتيدات). لكن هل هذه المكملات مدعومة بالأبحاث؟

في مراجعة منهجية وتحليل تجميعي نشر عام 2023 في مجلة Nutrients، تم تحليل نتائج العديد من الدراسات على مكملات الكولاجين لتحسين صحة الجلد. وجد الباحثون أن تناول الكولاجين لمدة 12 أسبوعاً أدى إلى تحسن كبير في مرونة الجلد، حيث بلغ حجم الأثر 3.25 (بفاصل ثقة 95%). وأظهرت الدراسات أن الكولاجين المتحلل يمكن أن يمتص بسهولة ويصل إلى الجلد، مما يحفز الخلايا الليفية على إنتاج ألياف كولاجينية جديدة. كما ربطت المراجعة بين الاستخدام طويل الأمد للكولاجين وتحسن الترطيب وتقليل التجاعيد.

مع ذلك، ركزت معظم الدراسات على عينات صغيرة من النساء الأصحاء بين 35 و55 عاماً، لذا تحتاج النتائج إلى توسيع لتشمل فئات عمرية مختلفة والرجال. ومع ذلك، تشير البيانات الحالية إلى أن الكولاجين المتحلل يمكن أن يكون إضافة مفيدة لدعم مرونة الجلد بعد الحمية.

كيف يعمل الكولاجين في الجسم؟

الهضم والامتصاص

عند تناول الكولاجين (سواء من الطعام أو المكملات)، يتم تفكيكه إلى ببتيدات صغيرة وأحماض أمينية بواسطة الإنزيمات الهضمية في المعدة والأمعاء. هذه الببتيدات يمكن أن تُمتص عبر الأمعاء وتدخل مجرى الدم. تشير الدراسات إلى أن بعض هذه الببتيدات، مثل ببتيدات داي ببتيد تحتوي على البرولين-هيدروكسي برولين، قد تصل إلى الجلد وتحفز الخلايا الليفية على إنتاج المزيد من الكولاجين والإيلاستين.

التحفيز الخلوي

عند وصولها إلى الجلد، يمكن لببتيدات الكولاجين أن ترتبط بمستقبلات خاصة على الخلايا الليفية، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الكولاجين والإيلاستين وحمض الهيالورونيك. هذا يحسن من بنية الأدمة، ويزيد من ترطيب الجلد ومرونته. كما يمكن أن تحفز هذه الببتيدات إنتاج مركبات مضادة للأكسدة في الجلد، مما يقلل من الأضرار الناتجة عن الأشعة فوق البنفسجية.

مصادر طبيعية للكولاجين

إلى جانب المكملات، يمكن الحصول على الكولاجين من الطعام:

  1. المرق العظمي: يعد من أفضل المصادر الطبيعية للكولاجين، حيث يتم إعداد المرق بغلي العظام والأنسجة الضامة لساعات طويلة. يحتوي على الجيلاتين والأحماض الأمينية مثل الجلايسين والبرولين.
  2. جلود الحيوانات: مثل جلد الدجاج والأسماك. يمكن تناولها إذا كانت مطهية بطريقة صحية دون إضافة دهون كثيرة.
  3. الأطعمة الغنية بالجيلاتين: الجيلاتين هو شكل مطبوخ من الكولاجين، ويوجد في بعض الحلويات أو يمكن استخدامه في تحضير أطعمة مثل الجيلي.
  4. البيض: يحتوي على البروتين والأحماض الأمينية المكونة للكولاجين.
  5. الأسماك: تحتوي على كولاجين في الجلد والعظام، ويمكن استهلاكها عبر المرق أو تناول السمك الصغير مثل الأنشوجة والسردين بأكملها.

العناصر المساعدة لإنتاج الكولاجين

فيتامين «ج»

كما ذكر أعلاه، يتطلب إنتاج الكولاجين توفر فيتامين «ج». يمكن الحصول عليه من الحمضيات والفراولة والفلفل والبروكلي والسبانخ.

الزنك والنحاس والمنغنيز

هذه المعادن تلعب أدواراً مختلفة في تصنيع الكولاجين. يساعد الزنك في انقسام الخلايا والتئام الجروح، بينما يشارك النحاس في تشكيل روابط تقوية بين ألياف الكولاجين. يمكن الحصول على الزنك من اللحوم والبقوليات والمكسرات، وعلى النحاس من الكاجو والبذور والمحار، وعلى المنغنيز من الحبوب الكاملة والمكسرات والخضروات الورقية.

السيليكا

يعد السيليكا (Silicon) معدناً مهماً لصحة الجلد والشعر والأظافر، ويشارك في تركيب الكولاجين. يوجد في الحبوب الكاملة، الأرز البني، الشوفان، وبعض الخضروات مثل الخيار والفاصوليا الخضراء.

العوامل التي تقلل من الكولاجين وكيفية تجنبها

  • التدخين: يسرع من تكسير الكولاجين ويقلل تدفق الدم إلى الجلد، مما يضعف مرونته.
  • التعرض للشمس: الأشعة فوق البنفسجية تكسر الكولاجين وتسبب تجاعيد مبكرة. استخدام واقي شمس يومياً ضروري.
  • السكر والمواد المصنعة: السكر الزائد يسبب تفاعلات «الجليكوزيل» التي تربط الجزيئات ببعضها وتفقدها مرونتها.
  • التوتر: يرفع هرمون الكورتيزول، والذي يمكن أن يثبط بناء البروتينات، بما في ذلك الكولاجين.
  • نقص النوم: أثناء النوم يتم إفراز هرمون النمو وتجديد الأنسجة، بما فيها خلايا الجلد. النوم غير الكافي يعيق هذه العملية.

مكملات الكولاجين: نصائح للاستخدام

  1. اختيار النوع الصحيح: يفضل اختيار مكملات تحتوي على «ببتيدات كولاجين متحللة»، حيث تكون جزيئاتها صغيرة وسهلة الامتصاص. بعض المكملات تأتي من مصادر بحرية (أسماك) أو أبقار؛ يجب التأكد من مصدر المنتج وخلوه من الملوثات.
  2. الجرعة: تتراوح الجرعات عادة بين 5 و10 غرامات يومياً، لكن يمكن تقسيمها إلى جرعتين. الجرعة المناسبة قد تختلف حسب العمر والهدف الصحي، لذلك يُنصح بقراءة التعليمات واستشارة مختص.
  3. المدة: أظهرت الدراسات أن تناول الكولاجين لمدة 8–12 أسبوعاً ضروري لرؤية تحسن في مرونة الجلد. بعض الأشخاص يحتاجون إلى فترة أطول خاصة إذا كان الترهل شديداً.
  4. التوقيت: يمكن تناول الكولاجين في أي وقت من اليوم. يفضل البعض تناوله على معدة فارغة صباحاً أو مساءً قبل النوم، لكن الأهم هو الالتزام بالجرعة اليومية.
  5. الدعم الغذائي: تناول الكولاجين مع فيتامين «ج» ومعادن أخرى يساعد في امتصاصه واستفادة الجسم منه. يمكن إضافة مسحوق الكولاجين إلى العصائر أو الشوربات أو القهوة.
  6. الحذر من الحساسية: الأشخاص الذين يعانون من حساسية للأسماك أو منتجات الأبقار يجب أن يتحققوا من مصدر الكولاجين. كما يجب على المرأة الحامل أو المرضعة استشارة الطبيب قبل الاستخدام.

ماذا عن النباتيين؟

العديد من مكملات الكولاجين تأتي من مصادر حيوانية. بالنسبة للنباتيين، هناك مكملات تستخدم الكولاجين النباتي المستخلص من التخمر البكتيري أو فطريات معينة، لكنها أقل انتشاراً. يمكن للنباتيين التركيز على دعم إنتاج الكولاجين عبر تناول أحماض أمينية من مصادر نباتية (مثل الفاصوليا، العدس، الكينوا) وتناول الفيتامينات والمعادن المذكورة أعلاه. توجد أيضاً مكملات تحتوي على «الببتيدات» أو «البروتينات» المستخلصة من النباتات والتي تحتوي على الأحماض الأمينية الضرورية لصنع الكولاجين.

الكولاجين في الثقافة العربية والكويتية

في الكويت ودول الخليج، المأكولات التقليدية غالباً ما تحتوي على مصادر طبيعية للكولاجين. على سبيل المثال، أطباق الحسو أو الشوربة المعدة من لحم الغنم أو العجل تحتوي على جيلاتين طبيعي. كما أن تناول الأسماك كاملة (بما في ذلك الجلد والعظام الصغيرة) يوفر كولاجين بحري. يمكن للأسر الاستفادة من هذه المأكولات القديمة بإعداد مرق العظام في المنزل واستخدامه في الطبخ، وهو عادة يمكن إضافتها للرز أو الحساء.

الكولاجين وصحة المفاصل والشعر والأظافر

إلى جانب تأثيره على البشرة، يلعب الكولاجين دوراً في صحة المفاصل والعظام. مكملات الكولاجين قد تساعد في تقليل آلام المفاصل وتحسين حركة العظام لدى الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل. يمكن للكولاجين أيضاً تقوية الشعر والأظافر، إذ يوفر البروتين الهيكلي اللازم لنموهما. لذا، تحسين مستويات الكولاجين من خلال الغذاء أو المكملات قد يكون له فوائد إضافية تتعدى البشرة.

برامج غذائية لدعم الكولاجين بعد الحمية

برنامج يومي مقترح

  • الإفطار: عصير غني بفيتامين «ج» (برتقال وكيوي) مع ملعقة من مسحوق الكولاجين وبذور الشيا. تناول حفنة من اللوز لفيتامين «هـ».
  • وجبة خفيفة: شريحة سلمون مدخن على خبز كامل الحبوب، مع سلطة خضراء.
  • الغداء: مرق عظام مطهي مع خضار مثل الجزر والبطاطا الحلوة والبصل، يقدم مع حصة من الحبوب الكاملة كالبرغل أو الأرز البني.
  • وجبة خفيفة بعد الظهر: زبادي يوناني مع التوت والعسل. الزبادي يوفر البروتين، والتوت يحتوي على مضادات الأكسدة.
  • العشاء: سلطة كبيرة تتكون من السبانخ، الخيار، البصل الأحمر، الأفوكادو، وأوراق النعناع، مضافاً إليها قطع من صدور الدجاج المشوي. استخدم زيت الزيتون والليمون كصلصة.
  • قبل النوم: شاي أخضر أو شاي النعناع مع مكمل ببتيدات الكولاجين إذا كان ضمن خطة المكملات.

يضمن هذا البرنامج توفير البروتينات، الفيتامينات، المعادن، الدهون الصحية، والماء خلال اليوم، مما يدعم إنتاج الكولاجين ويعزز الشفاء بعد الحمية.

الخلاصة

الكولاجين عنصر جوهري لمرونة البشرة وصحتها، وتناقصه يساهم في ترهل الجلد والتجاعيد خاصة بعد فقدان الوزن. يعتمد إنتاج الكولاجين على توفر البروتين وفيتامين «ج» والمعادن مثل الزنك والنحاس والمنغنيز. تساهم مكملات الكولاجين المتحلل في تحسين مرونة البشرة وترطيبها خلال 12 أسبوعاً، لكن يجب دعمها بنظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي. الابتعاد عن التدخين، الحماية من الشمس، وتقليل السكر أمور ضرورية للحفاظ على ألياف الكولاجين. كذلك، يمثل مرق العظام والبروتينات الحيوانية مصادر طبيعية للكولاجين، فيما يحتاج النباتيون إلى الاهتمام بالأحماض الأمينية والفيتامينات التي تدعم تكوينه. بتحقيق هذا التوازن، يمكن لمن يتبعون حمية غذائية أن يحافظوا على بشرة نضرة ومشدودة تستعيد حيويتها بسرعة.

عرض حتى 30 يوليو
التوصيل مجاني
متبقي على العرض
Days
Hours
Min
Sec
بعد تعبئة الفورم سيتواصل معك فريق الدعم الفني فوراً
T-shirt order form template page (#166) (#402)

البيانات الشخصية

الفاتورة