فقدان الوزن يعد إنجازاً كبيراً للصحة، لكنه قد يصاحبه أحياناً تحدٍّ غير متوقع: ترهل الجلد، عندما يزداد الوزن، يتمدد الجلد لاستيعاب دهون الجسم، وعند خسارته بسرعة، قد لا يستطيع الجلد العودة إلى شكله السابق بنفس السرعة، مما يؤدي إلى ظهور طيات وترهلات. هذه المشكلة لا ترتبط فقط بالمظهر، بل قد تؤثر على الثقة بالنفس والحركة. يعتمد الكثيرون على الجراحات التجميلية لمعالجة هذه المشكلة، لكن هناك حلول طبيعية تتمحور حول التغذية السليمة والتمارين الرياضية والعناية بالبشرة، في هذا المقال سنتناول دور الغذاء في تقوية الجلد وشده بعد فقدان الوزن مع تفصيل العناصر الغذائية الأساسية والأطعمة المفيدة والنصائح العلمية لتحقيق أفضل النتائج.
أولاً: لماذا يترهل الجلد بعد فقدان الوزن؟
لفهم كيفية شد الجلد، يجب معرفة بنية الجلد وكيف يتأثر بفقدان الوزن. الجلد يتكون من ثلاث طبقات رئيسية: البشرة (الطبقة الخارجية)، الأدمة (طبقة وسطى)، واللحمة (الطبقة الداخلية). يتواجد الكولاجين والإيلاستين داخل الأدمة، وهما بروتينان يمنحان الجلد القوة والمرونة. عندما يزداد الوزن، تتمدد الألياف وتزيد مساحة الجلد. فقدان الوزن السريع يقلل حجم الخلايا الدهنية لكن الألياف قد تبقى متمددة، مما يؤدي إلى ترهل الجلد.
عدة عوامل تؤثر على قدرة الجلد على التعافي:
- سرعة فقدان الوزن: الفقدان السريع يمنح الجلد وقتاً أقل للتكيّف.
- عمر الشخص: مع التقدم في السن يقل إنتاج الكولاجين والإيلاستين، مما يصعّب شد الجلد.
- مدة زيادة الوزن: إذا ظل الجلد متمدداً لفترة طويلة، فإن الألياف تفقد جزءاً من مرونتها.
- التغذية: نقص العناصر الغذائية المهمة في النظام الغذائي يعيق قدرة الجسم على تجديد الجلد.
- العوامل الوراثية: بعض الأشخاص لديهم مرونة جلدية أفضل من غيرهم بسبب الجينات.
ثانياً: البروتين ودوره في بناء الكولاجين
الكولاجين يُعتبر العمود الفقري للبشرة، فهو يشكل نحو 30% من إجمالي البروتين في الجسم. يتكون الكولاجين من الأحماض الأمينية مثل الجلايسين، البرولين، والهيدروكسي برولين. بناء هذه البروتينات يحتاج إلى وفرة من الأحماض الأمينية، لذلك فإن تناول كمية كافية من البروتين هو الخطوة الأولى في شد الجلد.
مصادر البروتين
- الأسماك: خصوصاً الأسماك الدهنية مثل السلمون، الماكريل، والتونة، التي توفر بروتينًا عالي الجودة وأحماض أوميغا‑3.
- اللحوم الخالية من الدهون: مثل الدجاج والديك الرومي واللحم البقري قليل الدهن.
- البيض: مصدر كامل للأحماض الأمينية ويوفر الكولين الذي يدعم صحة الجلد.
- البقوليات: كالعدس والفول والحمص، وهي غنية بالبروتين والألياف والفيتامينات.
- منتجات الألبان: الزبادي اليوناني، اللبن القليل الدسم، والجبن.
توصي الدراسات بزيادة استهلاك البروتين إلى حوالي 1.2–1.6 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم للحفاظ على كتلة العضلات عند فقدان الوزن. هذا يساعد على شد الجلد عبر زيادة الكتلة العضلية تحت الجلد.
ثالثاً: فيتامين «ج» – صانع الكولاجين ومحارب الجذور الحرة
فيتامين «ج» من أهم العناصر التي تحفز إنتاج الكولاجين في الجسم، يعمل كمساعد إنزيم في عمليات هيدروكسلة البرولين والليسين، والتي تعد خطوات ضرورية لتكوين ألياف الكولاجين المستقرة. كما أنه مضاد للأكسدة يحمي خلايا الجلد من التلف الناتج عن الجذور الحرة، خاصة تلك التي تسببها الأشعة فوق البنفسجية أو التوتر.
مصادر فيتامين «ج»
- الحمضيات: مثل البرتقال، الليمون، الجريب فروت، واليوسفي.
- الكيوي والفراولة: تحتوي كل منهما على أكثر من 70 ملغ فيتامين «ج» لكل 100 غرام.
- الفلفل الأحمر والأخضر: من أغنى المصادر النباتية.
- البروكلي والكرنب والقرنبيط: تحتوي على فيتامين «ج» وألياف.
- الطماطم والسبانخ.
تناول هذه الأطعمة بانتظام يعزز من قدرة الجسم على تصنيع الكولاجين ويقي من الضرر التأكسدي.
رابعاً: فيتامين «هـ» والسيلينيوم – حماية الأغشية ودعم مرونة الجلد
فيتامين «هـ» من مضادات الأكسدة الذائبة في الدهون، يعمل على حماية أغشية الخلايا من الأكسدة، ويحسن مرونة الجلد. يمكن الحصول عليه من الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون وزيت دوار الشمس، ومن المكسرات خاصة اللوز والجوز والبندق. يعمل السيلينيوم جنبًا إلى جنب مع فيتامين «هـ»، حيث يدخل في تركيب إنزيمات الجلوتاثيون بيروكسيداز التي تحارب الجذور الحرة. مصادره تشمل المكسرات البرازيلية والأسماك والبيض والأرز البني.
خامساً: أحماض أوميغا‑3 الدهنية – مكافحة الالتهاب وتعزيز المرونة
أوميغا‑3 من الدهون المفيدة التي تحارب الالتهاب وتحسن سيولة الأغشية الخلوية. أظهرت مقالة في WebMD أن تناول أطعمة غنية بأحماض أوميغا‑3 مثل السلمون والتونة والجوز واللوز يساعد على استعادة الكولاجين وتحسين صحة الجلد. بالإضافة إلى ذلك، تزيد أوميغا‑3 من إنتاج الزيوت الطبيعية للبشرة، مما يجعل الجلد أكثر نعومة ومرونة.
المصادر الغذائية للأوميغا‑3
- الأسماك الدهنية: السلمون، السردين، الماكريل، الأنشوجة.
- بذور الكتان والشيا: يمكن طحنها أو نقعها وإضافتها للمخبوزات أو العصائر.
- الجوز واللوز: إضافة حفنة يومية توفر كمية جيدة من أوميغا‑3 وفيتامين «هـ».
- زيت الكانولا وزيت السمك: يمكن استخدامهما في الطهي أو كمكملات غذائية.
سادساً: الماء والترطيب الداخلي
لا يمكن الحديث عن مرونة الجلد دون التطرق إلى أهمية الماء. الجلد المرن يحتاج إلى ترطيب داخلي كافٍ ليبدو مشدودًا وحيويًا. يساعد شرب 2–3 لترات من الماء يومياً على تحسين الدورة الدموية، نقل العناصر الغذائية إلى خلايا الجلد، وتخليص الجسم من السموم. وجد باحثون أن شرب الماء قبل الوجبات يساهم في تقليل كمية الطعام المتناول ويعزز فقدان الوزن. ويمكن إضافة شرائح الليمون أو الخيار لتحسين الطعم وزيادة محتوى الفيتامينات. يعزز الماء أيضًا تأثير فيتامين «ج» والأحماض الأمينية في تكوين الكولاجين.
سابعاً: مضادات الأكسدة الأخرى – من الفلافونويدات إلى الكاروتينويدات
إلى جانب فيتامين «ج» و«هـ»، هناك العديد من المضادات الأخرى المهمة لشد الجلد:
- بيتا كاروتين: يتحول إلى فيتامين «أ» في الجسم، ويساعد في تجدد خلايا الجلد. يوجد في الجزر، البطاطا الحلوة، والمانجو.
- ليكوبين: مضاد أكسدة قوي يوجد في الطماطم والبطيخ والفلفل الأحمر.
- بوليفينولات: مثل تلك الموجودة في الشاي الأخضر، الكاكاو، التوت البري، والرمان. تعمل على تقليل الالتهاب وتحفيز تدفق الدم إلى الجلد.
- كويرسيتين وروتين: يوجد في البصل والتفاح والأعشاب، يساعد في تقوية الشعيرات الدموية وتقليل الانتفاخ.
ثامناً: البروبيوتيك وصحة الجهاز الهضمي
تلعب بكتيريا الأمعاء دوراً في الصحة العامة للبشرة. بعض الدراسات تشير إلى أن تناول البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) قد يقلل من الالتهابات ويعزز امتصاص العناصر الغذائية الضرورية للجلد. يمكن الحصول على البروبيوتيك من:
- الزبادي الطبيعي: خاصة الأنواع التي تحتوي على سلالات متعددة من البكتيريا.
- الكفير: مشروب حليب مخمر يحتوي على خمائر وبكتيريا مفيدة.
- الأطعمة المخمرة: مثل الميسو والكيمتشي ومخلل الملفوف.
- مكملات البروبيوتيك: ويجب استشارة الطبيب قبل استخدامها.
دعم الصحة المعوية يساعد الجسم على امتصاص الفيتامينات والمعادن بشكل أفضل، ما ينعكس على صحة الجلد.
تاسعاً: دور التمارين الرياضية
لا يمكن فصل التغذية عن التمارين عندما يتعلق الأمر بشد الجلد. التمارين تساهم في تقوية العضلات تحت الجلد، مما يدعم البشرة ويقلل الترهل. وفقاً لخبراء الجلدية، تساعد تمارين المقاومة ورفع الأثقال على زيادة حجم العضلات، وبالتالي تملأ الفراغات تحت الجلد وتقلل من الترهل. التمارين الهوائية مثل السباحة وركوب الدراجات والمشي السريع تحسن الدورة الدموية وتدعم وصول الأكسجين والمغذيات إلى الجلد.
كيف تبدأ؟
- المقاومة: ابدأ بتمارين بسيطة باستخدام وزن الجسم مثل القرفصاء والضغط، ثم قم بزيادة الأوزان تدريجياً.
- الاستمرارية: ثلاثة أيام في الأسبوع للتمارين المقاومة، مع يومين من التمارين الهوائية الخفيفة.
- المرونة: تمرينات التمدد واليوغا تساعد على تحسين المرونة وتقليل الشد العضلي.
عاشراً: العادات اليومية لتحسين صحة الجلد
- النوم الجيد: خلال النوم، يقوم الجسم بإصلاح الأنسجة وإنتاج الكولاجين. الحصول على 7–8 ساعات من النوم يساعد في تقليل الهالات السوداء وشد الجلد.
- الابتعاد عن التدخين: النيكوتين يقلل تدفق الدم إلى الجلد ويؤثر على إنتاج الكولاجين، مما يسرّع الترهل والتجاعيد.
- حماية البشرة من الشمس: الأشعة فوق البنفسجية تضر الكولاجين والإيلاستين. استخدام واقي شمس بعامل حماية 30 أو أكثر، وارتداء قبعة ونظارات شمسية يساعد في حماية الجلد.
- تجنب التوتر المزمن: الكورتيزول المرتفع نتيجة التوتر يساهم في تفكك الكولاجين. تقنيات التأمل والتنفس العميق واليوغا تساعد في التحكم بالتوتر.
- تجنب خسارة الوزن السريعة: فقدان الوزن بشكل تدريجي (0.5–1 كغ أسبوعياً) يمنح الجلد وقتاً للتكيّف والعودة إلى شكل أقرب للطبيعي، وهو أقل عرضة للترهل.
- المواظبة على الترطيب الموضعي: استخدام كريمات تحتوي على حمض الهيالورونيك، زبدة الشيا، وزيوت طبيعية مثل زيت الأرغان يدعم طبقة البشرة الخارجية ويقلل من الجفاف.
الحميات الغذائية والنظم الشائعة
حمية البحر الأبيض المتوسط
هذه الحمية تركز على تناول كميات كبيرة من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والأسماك والمكسرات وزيت الزيتون. توفر العناصر اللازمة لإنتاج الكولاجين مثل فيتامين «ج» و«هـ» والأحماض الدهنية أوميغا‑3. كما تحتوي على مركبات بوليفينولية تقلل الالتهاب. يمكن تكييف هذه الحمية مع المطبخ الكويتي عبر إضافة أطباق مثل السمك المشوي والسلطات الطازجة.
الحمية عالية البروتين معتدلة الكربوهيدرات
تناول البروتين بنسبة 25–30% من إجمالي السعرات يعزز الشبع ويساعد في بناء العضلات وشد الجلد. يُنصح بتجنب الكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض والمعجنات، واستبدالها بالكربوهيدرات المعقدة مثل الشوفان والبقوليات.
النظام النباتي المتوازن
يمكن للنباتيين أيضًا شد الجلد إذا اهتموا بالحصول على ما يكفي من البروتين من مصادر نباتية مثل البقوليات، الحبوب الكاملة، والمكسرات، بالإضافة إلى مكملات B12 والحديد إذا لزم الأمر. يجب التركيز على الخضروات الملونة والفواكه التي توفر الفيتامينات المضادة للأكسدة.
وصفات وأفكار وجبات
سلطة السلمون والأفوكادو
- المكونات: شرائح سلمون مشوي، مكعبات أفوكادو، أوراق السبانخ، شرائح خيار، عصير ليمون، بذور الشيا، قليل من زيت الزيتون.
- الفوائد: السلمون يوفر بروتينًا وأوميغا‑3، الأفوكادو يحتوي على دهون غير مشبعة وفيتامين «هـ»، السبانخ غنية بفيتامين «ج»، وبذور الشيا توفر أحماض أوميغا‑3 إضافية.
شوربة العدس بالجزر والزنجبيل
- المكونات: عدس أحمر، جزر مبشور، بصل، ثوم، زنجبيل طازج، مرق خضار، كركم، كمون، عصير ليمون.
- الفوائد: العدس مصدر للبروتين والألياف، الجزر غني ببيتا كاروتين، الزنجبيل والكمون يساعدان على الهضم، والليمون يوفر فيتامين «ج».
عصير الأخضر المكثف
- المكونات: كيوي، فراولة، سبانخ، كرفس، خيار، عصير ليمون، بذور كتان مطحونة.
- الفوائد: يوفر جرعة عالية من فيتامين «ج» والألياف ومضادات الأكسدة، بينما تمنح بذور الكتان أحماض أوميغا‑3.
سموثي الكولاجين
- المكونات: مسحوق بروتين الكولاجين (اختياري)، لبن زبادي يوناني، توت بري مجمد، ماء جوز الهند، بذور الشيا، رشة من القرفة.
- الفوائد: البروتين يساعد على بناء الكولاجين، التوت غني بمضادات الأكسدة، ماء جوز الهند يرطب الجسم، والقرفة تساعد على تنظيم السكر.
مكملات غذائية: هل نحتاجها؟
أحياناً قد يكون من الصعب الحصول على كل العناصر الغذائية من الطعام وحده، خاصة لمن لديهم نظام غذائي محدود، المكملات يمكن أن تكون مفيدة، لكن يجب استخدامها بعناية وبعد استشارة الطبيب:
- مساحيق البروتين: يمكن استخدام مساحيق بروتين مصل اللبن أو البروتين النباتي عند صعوبة الحصول على البروتين من الطعام.
- فيتامينات متعددة: مكملات توفر فيتامين «ج» و«هـ» والزنك والسيلينيوم يمكن أن تدعم الصحة العامة.
- أحماض أوميغا‑3: مكملات زيت السمك توفر جرعة مركزة.
- ببتيدات الكولاجين: إذا كانت الحمية لا توفر ما يكفي من البروتين أو عند الحاجة إلى دعم إضافي لإنتاج الكولاجين.
مع ذلك، لا ينبغي الاعتماد على المكملات وحدها؛ فالأطعمة الكاملة توفر مجموعة متوازنة من المغذيات والألياف والمركبات النباتية.
الخلاصة
شد الجلد بعد فقدان الوزن يتطلب التزامًا بنظام غذائي متوازن غني بالبروتين، الفيتامينات المضادة للأكسدة، الأحماض الدهنية المفيدة، والماء. البروتين يعد اللبنات الأساسية للكولاجين، بينما فيتامين «ج» يحفز إنتاجه ويحمي الخلايا من التلف. أوميغا‑3 وفيتامين «هـ» والسيلينيوم ومضادات الأكسدة الأخرى تعزز المرونة وتقلل الالتهاب. إلى جانب ذلك، تساعد التمارين الرياضية على بناء العضلات وشد الجلد، بينما تؤدي العادات الصحية مثل النوم الجيد والحماية من الشمس والإقلاع عن التدخين دوراً مهماً في الحفاظ على بشرة مشدودة وصحية. البدء بخطوات صغيرة، مثل زيادة تناول الخضروات والفواكه والبروتينات الجيدة، يمكن أن يكون له تأثير كبير على مظهر الجلد ومرونته بعد فقدان الوزن.
اقرأ أيضاً:
دليلك لاختيار حبوب التنحيف التي تمنحك نتائج سريعة وآمنة للشراء عبر الإنترنت.

